تحديث حول خيارات علاج التصلب المتعدد خلال السنين
حتى التسعينيات، كان متوسط المدة الزمنية منذ لحظة تشخيص المرض وحتى وصول المريض إلى حالة يحتاج فيها أدوات مساعدة على المشي 15 عامًا. واليوم، بعد مرور عقدين من الزمن وبعد دمج أدوية مبتكرة وناجعة كخيارات علاجية لمرض التصلب المتعدد، أصبح متوسط المدة الزمنية أطول من 30 عامًا. بالإضافة إلى ذلك، لم تعد العلاجات الدوائية اليوم تكتفي بتأجيل تطور المرض، وإنما يمكنها أن تؤدي أيضًا إلى تحسّن وظيفي فعلي. هذا الابتكار في علاج التصلب المتعدد ينعكس أيضًا بطريقة تناول الدواء – من علاج مزمن قصير المدى إلى علاج يحرر المريض من الانشغال الدائم بالمرض. بفضل هذه التغييرات، يمكننا أن نقول اليوم أننا نجحنا في إحداث ثورة حقيقية في علاج التصلب المتعدد، وقد خطونا خطوة مهمة إضافية على الطريق نحو تجميد نشاط المرض كليًا وحتى في تحسين أداء المريض.
إحدى خصائص العلاجات القديمة هو التأثير قصير المدى للدواء، مما يلزم المريض على تناوله بتكرر كبير نسبيًا. يتطلب مثل هذا العلاج حقن المريض، دخوله إلى المستشفى من أجل التسريب أو تناول الحبوب مرة في اليوم، 3 مرات في الأسبوع أو أسبوعيًا. هذا التكرر المرتفع في تناول الدواء طوال الحياة، خاصةً عندما يكون المريض شابًا أو والدًا لأطفال صغار – قد يكون عبئًا في كثير من الأحيان. قد تؤدي عواقب العلاج المزمن إلى نسيان أيام العلاج، وحتى إلى ضرر نفسي نتيجة للتذكير اليومي “بأنني مريض”.
سواء كان ذلك نتيجة النسيان بسبب المهام اليومية، أو التعامل مع العواقب النفسية التي تصاحب العلاج المزمن – فإن تخطي أيام العلاج يمكنه أن يضر نجاعته، وحتى أنه قد يسبب لاحقًا اختلال توازن المرض وبالتالي يؤدي إلى ظهور نوبات غير ضرورية. لذلك، فإن الدراسات التي قدمت لنا جيل العلاجات الجديد تهدف إلى طريقة مريحة أكثر من حيث تناولها، والتي من شأنها أن تحرر المريض من الحاجة إلى التعامل مع المرض لأطول فترة ممكنة. تتوفر هذه العلاجات حاليًا بأشكال مختلفة من حيث طريقة تناولها، على سبيل المثال تناول حوالي 20 قرصًا لمدة 4 سنوات على الأقل، أو دخول المستشفى من أجل الحصول على تسريب.
ومع هذا، إذا كان توقعنا حتى الآن من العلاج بالأدوية هو تأجيل تطور المرض. فإن بعض العلاجات الجديدة تنجح اليوم أيضًا في تحسين حالة الإعاقة لدى المريض. على سبيل المثال، تبين من البحث أن الدواء كلادريبين (باسمه التجاري ميفينكلاد) يحسن وضع الإعاقة، أو يحافظ على حالة إعاقة مستقرة، لدى حوالي 75% من المرضى الذين شاركوا في البحث. يتم قياس التحسن وفقًا لسلم EDSS، الذي يشكل تقييمًا لمستوى الإعاقة وتتراوح نتائجه من 0 إلى 10 (كلما كانت النتيجة أعلى، فهي تشير إلى إصابة أكثر شدة). التحسن في هذا السلم الوظيفي يترجم إلى أداء عصبي ووظيفي أفضل في الحياة اليومية.
اتضح من بحث آخر أن حوالي ثلثي المرضى لم يحتاجوا أي علاج دوائي إضافي للتصلب المتعدد بعد جرعة العلاج الأخيرة في البحث، عندما كانت مدة المتابعة في حدود (الوسيط) 10 سنوات.
في هذه الأثناء، وكما هو الحال من حيث طريقة تناول العلاج، فقد تغيرت آليات عمل الأدوية أيضًا. في العلاجات السابقة، لم يعالج الدواء الخلايا الالتهابية المتدفقة في الدم، وإنما كان الهدف منعها من دخول الجهاز العصبي المركزي ومهاجمته. تؤدي العلاجات في الوقت الحاضر إلى عدم تكوّن الخلايا الالتهابية على الإطلاق. الأدوية التي تنتمي للجيل الجديد تعيد عمليًا بناء خلايا الجهاز المناعي، وبالتالي لا تضر الذاكرة المناعية.